المحاور

تقرير الدعوة 2019

 

تحسّن كسب التأييد لدى منظمات المجتمع المدني في عام 2019، حيث زادت فرص وصول المنظمات للمسؤولين الحكوميين وحققت عدة نجاحات.

تحسّن التعاون القائم بين منظمات المجتمع المدني والحكومة فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان خلال العام. أعاد مكتب رئيس الوزراء منصب المنسق الحكومي لحقوق الإنسان، والذي بقي فارغاً في ظل الحكومة السابقة. يعقد المنسق اجتماعات منتظمة مع منظمات المجتمع المدني وينقل الملاحظات ذات الصلة إلى مجلس الوزراء. إضافة إلى ذلك، يتولى المنسق مسؤولية تنسيق تقارير الاستعراض الدوري الشامل “UPR” أمام الأمم المتحدة. في 2019، أيّدت الحكومة 149 توصية من توصيات الاستعراض الدوري الشامل بعد مراجعتها من قبل اللجنة الدائمة لحقوق الإنسان في وزارة الخارجية وشؤون المغتربين. تعلّقت هذه التوصيات بوضع المرأة، وحقوق الطفل، ووضع الأشخاص ذوي الإعاقة، والتعذيب، والملاحقة القضائية، والاعتقالات الإدارية، وحرية التعبير، والصحافة، والرأي. بالإضافة إلى ذلك، طالب تعميم أصدرته رئاسة الوزراء في نيسان الوزارات والمؤسسات المعنية بتنفيذ توصيات التقرير الشامل لحقوق الإنسان. في 2019، أعاد رئيس الوزراء تعيين أعضاء "المركز الوطني لحقوق الإنسان"، وكثير منهم ممثلو منظمات مجتمع مدني.

نجحت العديد من حملات كسب التأيدد في عام 2019. على سبيل المثال، تظاهر معلموا المدارس الحكومية مطالبين برفع أجورهم. حاولت الأجهزة الأمنية إعاقة التظاهرات عبر إيقاف الحافلات التي تنقل المعلمين من وإلى مواقع التظاهر واستخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين. عقب هذه التدخلات الأمنية، دعت نقابة المعلمين لإضراب في شهر أيلول استمر لشهر واحد، مما جعله أطول اضراب قام به القطاع العام في المملكة. في نهاية المطاف، تفاوضت النقابة مع الحكومة وتم الاتفاق لرفع أجور معلمي المدارس الحكومية من 35 إلى 60 بالمئة اعتباراً من 2020.

تم تنظيم احتجاجات حاشدة في شهر شباط 2019 بقدوم الشباب العاطلين عن العمل سيراً على الأقدام إلى عمّان من باقي محافظات المملكة مطالبين بوظائف في القطاع العام أو في المصانع الكبرى. انتهت هذه الاعتصامات بعد لقاء رئيس الديوان الملكي بالمتظاهرين، حيث تعهّد بتلبية احتياجاتهم وتأمين فرص عمل لهم. استجابة لذلك، أعلنت وزارة العمل انه سيتم توفير 3.300 فرصة عمل في السياحة، والصناعة، والبناء، والصحة، والزراعة.

في شهر آب، تظاهرت منظمات مجتمع مدني، ومدافعون عن حقوق الإنسان، ومسؤولون حزبيون، وأُسر المعتقلين أمام مجلس النواب احتجاجاً على ازدياد أعداد المعتقلين لممارسة الحق في حرية التعبير. كما احتج ناشطون، ونقابيون، ومشرّعون، وغيرهم على تنفيذ اتفاقية بين شركة الكهرباء الوطنية الأردنية وتحالف شركات غاز إسرائيلية-أمريكية بهدف استيراد الغاز من إسرائيل. أطلقت هذه المجموعات الحملة الوطنية لإسقاط اتفاقية الغاز مع الكيان الصهيوني. أجريت الحملة أنشطة متعددة في المحافظات وجمعت مئات التواقيع لمطالبة رئيس الوزراء "عمر الرزاز" بإلغاء الاتفاقية. رغم الاحتجاجات، بدأت الاستيرادات في كانون الثاني 2020. بعد ذلك بفترة قصيرة، أجمع مجلس النواب الأردني على اعتماد مشروع قانون يحظر استيراد الغاز من اسرائيل.

كما انخرطت منظمات المجتمع المدني في كسب التأييد المتعلق بالأشخاص ذوي الإعاقة. في آذار، نظمت منظمات المجتمع المدني نقاشات عامة حول أماكن العمل الشاملة للجميع وأعدّت دليلاً لأصحاب العمل في القطاعين العام والخاص لتشجيع توظيف الأشخاص ذوي الإعاقة. نجحت حملة "الأردن المهيأ" في كسب التأييد بشأن توفير حافلات مهيأة للأشخاص ذوي الإعاقة.

كانت نتائج الحملات الأخرى متباينة. أدت الاحتجاجات واسعة النطاق في عام 2018 إلى سحب الحكومة تعديلات قانون الجرائم الالكترونية في الأردن والذي كان سيفرض قيوداً غير مبررة على حرية التعبير عبر الإنترنت. رغم ذلك، أدخلت الحكومة تعديلات جديدة وأقرّتها في 2019. في حين تزعم الحكومة أن التعديلات تهدف إلى محاربة خطاب الكراهية، قامت بفرض قيود جديدة على حرية التعبير عبر الإنترنت. على سبيل المثال، تُعرّف التعديلات المقترحة خطاب الكراهية بأسلوب فضفاض للغاية وتفرض عقوبات مشددة تتراوح بين الغرامات وعقوبة السجن لمن ينشر أو يعيد نشر ما يُعتبر خطاب كراهية عبر الإنترنت. لم تتواصل الحكومة مع منظمات المجتمع المدني أو أصحاب العلاقة المعارضين للتعديلات.

كانت حملات منظمات المجتمع المدني الأخرى أقل نجاحاً. حيث عانت بعضها من غياب التنسيق والتشبيك بين منظمات المجتمع المدني، وغياب التعاون من قبل الحكومة، وقلة حشد المجتمع المحلي. في حين فشلت أخرى في إجراء أبحاث كافية قبل تصميم وإطلاق الحملات، أبدت سوء التخطيط، أو فشلت في مواصلة جهود المتابعة. على سبيل المثال، في تشرين الثاني، نظمّت جماعات نسائية اعتصاماً يسمى "طالعات" (بكفي) قرب رئاسة الوزراء للمطالبة بتوفير حماية قانونية واجتماعية أفضل للنساء ضحايا العنف الأسري. تم تنظيم الاعتصام على خلفية حادثة حصلت في جرش لسيدة أُفيد أن زوجها قام باقتلاع عينيها بعد خلافات أسرية. مع ذلك، لم يتم تنظيم أنشطة متابعة بعد الاعتصام. في حين أن حملة "الأردن المهيأ" نجحت في الدعوة لتوفير حافلات مهيأة للأشخاص ذوي الإعاقة، إلا أن أثرها كان ضئيلاً نظراً لعدم تهيئة الأرصفة لوصول الأشخاص ذوي الإعاقة إلى هذه الحافلات. تسلّط هذه الأمثلة الضوء على حقيقة أن بعض منظمات المجتمع المدني يمكنها التنظيم والدعوة، إلا أنها ما زالت بحاجة إلى اكتساب مهارات التخطيط طويل الأمد، والبحث، وتحديد الأولويات لتحقيق الأهداف المرجوة.

لطالما ضغطت منظمات المجتمع المدني النسائية على أعضاء البرلمان لاعتماد التعديلات على قانون الأحوال الشخصية للقضاء على زواج الأطفال، وتحديد الحد الأدنى لسن الزواج دون استئناءات، وضمان المساواة التامة بين النساء والرجال فيما يعتلق بالزواج، والطلاق، والميراث. رغم ذلك، أبقى البرلمان في 2019 على تحديد سن الزواج بحالات استثنائية عند بلوغ سن الـ16 عاماً، ورفض الأحكام التي من شأنها إعطاء الأطفال الذين توفت والدتهم الحق في الميراث من أجدادهم من جهة الأم، في حين أعطى للأطفال الذين توفي والدهم حق الميراث من أجدادهم من جهة الأب. في حين كثفت منظمات المجتمع المدني الأخرى من جهود الضغط في 2019 لسنّ قوانين تحمي الأرامل ولإنشاء برامج رسمية للتخفيف من حدة الأميّة والفقر بينهم، والتي تعد مشاكل واسعة الانتشار. إضافة إلى ذلك، مارست منظمات المجتمع جهود الضغط سابقاً لصالح استخدام فخص الحمض النووي لإثبات الأبوة. نتيجة لذلك، في 2019، تم التحقق من النسب العائلي لما يقارب 100 طفل فاقد للسند الأسري وتم إعطاؤهم لأسرهم.

في أيار 2019، اعتمد البرلمان تعديلات أدخلت على قانون العمل توثر على الأجور، وساعات العمل الإضافية، وإجازة الأبوة، والإجازات السنوية، ورعاية الأطفال، والتقاعد، وحلّ النزاعات بشأن الأجور. أطلقت 50 من منظمات المجتمع المدني والنقابات حملة لإدخال المزيد من التعديلات على قانون العمل بحجة أن بعض التغييرات غير دستورية وأنها لا تتيح للعاملين الحق بتنظيم المفاوضات الجماعية والانخراط بها.

خلال العام، تواصلت الحكومة مع منظمات المجتمع المدني على نحو متزايد لتذليل العقبات التي تواجهها في عملها مما نتج عنه استحداث تدابير جديدة هامة، بما فيها الأنظمة الجديدة المتعلقة بالتمويل الأجنبي، وتعيين مدير جديد لدائرة مراقبة الشركات، وأمين عام لسجل الجمعيات، وأعضاء للمركز الوطني لحقوق الإنسان ومنسق حكومي لحقوق الإنسان.